فصل: 14- الخضاب بالحناء:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.14- الخضاب بالحناء:

ذهبت الحنابلة إلى أنه لا يحرم على المحرم، ذكرا كان أو انثى، الاختضاب بالحناء، في أي جزء من البدن ما عدا الرأس.
وقالت الشافعية: يجوز للرجل الخضاب بالحناء حال الاحرام في جميع أجزاء جسده، ما عدا اليدين والرجلين، فيحرم خضبهما بغير حاجة، وكذا لا يغطي رأسه بحناء ثخينة.
وكرهوا للمرأة الخضاب بالحناء حال الاحرام إلا إذا كانت معتدة من وفاة، فيحرم عليها ذلك، كما يحرم عليها الخضاب إذا كان نقشا، ولو كانت معتدة.

وقالت الأحناف والمالكية: لا يجوز للمحرم أن يختضب بالحناء في أي جزء من البدن سواء أكان رجلا أم امرأة، لأنه طيب، والمحرم ممنوع من التطيب.
وعن خولة بنت حكيم عن أمها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لام سلمة «لا تطيبي وأنت محرمة، ولا تمسي الحناء فإنه طيب» رواه الطبراني في الكبير، والبيهقي في المعرفة، وابن عبد البر في التمهيد.

.15- ضرب الخادم للتأديب:

فعن أسماء بنت أبي بكر قالت: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجاجا، حتى إذا كنا بالعرج، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزلنا، فجلست عائشة إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلست إلى جنب أبي بكر، وكانت زمالة رسول الله صلى الله عليه وسلم وزمالة أبي بكر واحدة، مع غلام لابي بكر، فجلس أبو بكر ينتظر أن يطلع الغلام، فطلع، وليس مع بعيره، فقال: أين بعيرك؟ قال: أضللته البارحة فقال ابو بكر: بعير واحد تضلله؟ فطفق يضربه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبتسم، ويقول: انظروا لهذا المحرم ما يصنع؟ فما يزيد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يقول: انظروا لهذا المحرم ما يصنع ويبتسم» رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه.

.16- قتل الذباب والقراد والنمل:

فعن عطاء: أن رجلا سأله عن القرادة والنملة تدب عليه وهو محرم، فقال: ألق عنك ما ليس منك.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: لا بأس أن يقتل المحرم القرادة والحلمة.
ويجوز نزع القراد من البعير للمحرم.
فعن عكرمة: أن ابن عباس أمره أن يقرد بعيرا وهو محرم، فكره ذلك عكرمة، قال: قم فانحره، فنحره، قال: لا أم لك، كم قتلت فيها من قرادة، وحلمة، وحمنانة.

.17- قتل الفواسق الخمس وكل ما يؤذي:

فعن عائشة قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خمس من الدواب كلهن فاسق يقتلن في الحرم: الغراب، والحدأة، والعقرب والفأرة، والكلب العقور» رواه مسلم، والبخاري، وزاد «الحية».
وقد اتفق العلماء على إخراج غراب الزرع، وهو الغراب الصغير الذي يأكل الحب.
ومعنى الكلب العقور: كل ما عقر الناس وأخافهم، وعدا عليهم، مثل الاسد، والنمر، والفهد والذئب.
لقول الله تعالى: {يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله} فاشقها من الكلب.
وقالت الأحناف: لفظ الكلب قاصر عليه، لا يلحق به غيره في هلا الحكم سوى الذئب.
قال ابن تيمية: وللمحرم أن يقتل ما يؤذي - بعادته - الناس، كالحية، والعقرب، والفأرة، والغراب، والكلب العقور.
وله أن يدفع ما يؤذيه من الادميين، والبهائم، حتى ولو صال عليه أحد ولم يندفع إلا بالقتال قاتله.
فأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون حرمته فهو شهيد».
قال: وأذا قرصته البراغيث والقمل، فله إلقاؤها عنه، وله قتلها، ولا شيء عليه، وإلقاؤها أهون من قتلها.
وكذلك ما يتعرض له من الدواب فينهى عن قتله، وإن كان في نفسه محرما، كالاسد، والفهد، فإذا قتله فلا جزاء عليه في أظهر قولي العلماء.
وأما التفلي بدون التأذي، فهو من الترفه فلا يفعله، ولو فعله فلا شيء عليه.

.محظورات الإحرام:

حظر الشارع على المحرم أشياء، وحرمها عليه، نذكرها فيما يلي:

.1- الجماع ودواعيه:

كالتقبيل، واللمس لشهوة، وخطاب الرجل المرأة فيما يتعلق بالوطء.

.2- اكتساب السيئات واقتراف المعاصي:

التي تخرج المرء عن طاعة الله.

.3- المخاصمة مع الرفقاء والخدم وغيرهم:

والاصل في تحريم هذه الاشياء، قول الله تعالى: {فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج}.
وروى البخاري، ومسلم، عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حج ولم يرفث، ولم يفسق، رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه».

.4- لبس المخيط:

كالقميص والبرنس والقباء والجبة والسراويل، أو لبس المحيط كالعمامة، والطربوش ونحو ذلك مما يوضع على الرأس.
وكذلك يحرم لبس الثوب المصبوغ بما له رائحة طيبة، كما يحرم لبس الخف والحذاء.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يلبس المحرم القميص، ولا العمامة، ولا البرنس ولا السراويل، ولا ثوبا مسه ورس، ولا زعفران، ولا الخفين، إلا ألا يجد نعلين فليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين» رواه البخاري، ومسلم.
وقد أجمع العلماء على أن هذا مختص بالرجل.
أما المرأة فلا تلحق به، ولها أن تلبس جميع ذلك، ولا يحرم عليها إلا الثوب الذي مسه الطيب والنقاب والقفازان.
لقول ابن عمر رضي الله عنهما: نهى النبي صلى الله عليه وسلم النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب، وما مس الورس، والزعفران من الثياب، ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب، من معصفر أو خز، أو حلي، أو سراويل أو قميص، أو خف. رواه أبوه داود، والبيهقي، والحاكم ورجاله رجال الصحيح.
قال البخاري: ولبست عائشة الثياب المعصفرة وهي محرمة، وقالت: لا تلثم، ولا تتبرقع، ولا تلبس ثوبا بورس ولا زعفران.
وقال جابر: لا أرى المعصفر طيبا.
ولم تر عائشة بأسا بالحلي، والثوب الاسود، والمورد، والخف للمرأة وعند البخاري، وأحمد عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين».
وفي هذا دليل على أن إحرام المرأة في وجهها وكفيها: قال العلماء: فإن سترت وجهها بشئ فلا باس.
ويجوز ستره عن الرجل بمظلة ونحوها، ويجب ستره إذا خيفت الفتنة من النظر.
قالت عائشة: كان الركبان يمرون بنا، ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبانها على وجهها، فإذا جاوزوا بنا كشفناه رواه أبو داود، وابن ماجه.
وممن قال بجواز سدل الثوب: عطاء، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.
الرجل الذي لا يجد الازار ولا الرداء ولا النعلين: من لم يجد الازار والرداء، أو النعلين لبس ما وجده.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب بعرفات وقال: «إذا لم يجد المسلم إزارا فليلبس السراويل، وإذا لم يجد النعلين فليلبس الخفين» رواه أحمد، والبخاري، ومسلم.
وفي رواية لأحمد، عن عمرو بن دينار: أن أبا الشعثاء أخبره عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم - وهو يخطب - يقول: «من لم يجد إزارا ووجد سراويل فليلبسها، ومن لم يجد نعلين ووجد خفين فليلبسهما».
قلت: ولم يقل ليقطعهما؟ قال: لا.
وإلى هذا ذهب أحمد فأجاز للمحرم لبس الخف والسراويل، للذي لا يجد النعلين والازار، على حالهما، استدلالا بحديث ابن عباس وأنه لا فدية عليه.
وذهب جمهور العلماء: إلى اشتراط قطع الخف دون الكعبين لمن لم يجد النعلين، لأن الخف يصير بالقطع كالنعلين.
لحديث ابن عمر المتقدم، وفيه «إلا ألا يجد نعلين فليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين».
ويرى الأحناف شق السراويل وفتقها لمن لا يجد الازار، فإذا لبسها على حالها لزمته الفدية.
وقال مالك والشافعي: لا يفتق السراويل، ويلبسها على حالها، ولا فدية عليه، لما رواه جابر بن زيد عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا لم يجد إزارا فليلبس السراويل، وإذا لم يجد النعلين، فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين» رواه النسائي بسند صحيح.
فإذا لبس السراويل، ووجد الازار لزمه خلعه.
فإذا لم يجد رداء لم يلبس القميص، لأنه يرتدي به ولا يمكنه أن يتزر بالسراويل.

.5- عقد النكاح لنفسه أو لغيره:

بولاية، أو وكالة ويقع العقد باطلا، لا تترتب عليه آثاره الشرعية.
لما رواه مسلم وغيره، عن عثمان بن عفان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا ينكح المحرم، ولا ينكح، ولا يخطب» رواه الترمذي وليس فيه «ولا يخطب».
وقال: حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وبه يقول مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحق، ولا يرون أن يتزوج المحرم، وإن نكح فنكاحه باطل.
وما ورد من أن النبي صلى الله عليه وسلم: «تزوج ميمونة وهو محرم» فهو معارض بمارواه مسلم «أنه تزوجها وهو حلال».
قال الترمذي: اختلفوا في تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة، لأنه صلى الله عليه وسلم تزوجها في طريق مكة، فقال بعضهم: تزوجها وهو حلال، وظهر أمر تزويجها وهو محرم، ثم بنى بها وهو حلال بسرف، في طريق مكة.
وذهب الأحناف إلى جواز عقد النكاح للمحرم، لأن الاحرام لا يمنع صلاحية المرأة للعقد عليها، وإنما يمنع الجماع، لاصحة العقد.

.6، 7- تقليم الاظفار وإزالة الشعر:

بالحلق، أو القص أو بأية طريقة، سواء أكان شعر الرأس أم غيره لقول الله تعالى: «ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله».
وأجمع العلماء: على حرمة قلم الظفر للمحرم، بلا عذر، فإن انكسر، فله إزالته من غير فدية.
ويجوز إزالة الشعر، إذا تأذى ببقائه، وفيه الفدية إلا في إزالة شعر العين إذا تأذى به المحرم فإنه لافدية فيه.
قال الله تعالى: «فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك».
وسيأتي بيان ذلك.

.8- التطيب في الثوب أو البدن:

سواء أكان رجلا أم امرأة: فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر وجد ريح طيب من معاوية، وهو محرم.
فقال له: ارجع فاغسله، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الحاج الشعث التفل». رواه البزار بسند صحيح.
ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما الطيب الذي بك فاغسله عنك، ثلاث مرات».
وإذا مات المحرم لا يوضع الطيب في غسله ولافي كفنه لقوله صلى الله عليه وسلم - فيمن مات محرما -: «لا تخمروا رأسه، ولا تمسوه طيبا، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا».
وما بقي من الطيب الذي وضعه في بدنه، أو ثوبه، قبل الاحرام، فإنه لا بأس به.
ويباح شم ما لا ينبت للطيب، كالتفاح والسفرجل، فإنه يشبه سائر النبات، في أنه لا يقصد للطيب ولا يتخذ منه.
وأما حكم ما يصيب المحرم من طيب الكعبة فقد روى سعيد بن منصور، عن صالح بن كيسان، قال: رأيت أنس بن مالك، وأصاب ثوبه - وهو محرم - من خلوق الكعبة، فلم يغسله.
وروى عن عطاء، قال: لا يغسله ولا شيء عليه.
وعند الشافعية من تعمد إصابة شيء من ذلك، أو أصابه، وأمكنه غسله، ولم يبادر إليه فقد أساء، وعليه الفدية.

.9- لبس الثوب مصبوغا بماله رائحة طيبة:

اتفق العلماء على حرمة لبس الثوب المصبوغ بما له رائحة طيبة، إلا أن يغسل، بحيث لا تظهر له رائحة.
فعن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تلبسوا ثوبا مسه ورس، أو زعفران، إلا أن يكون غسيلا» يعني في الاحرام، رواه ابن عبد البر، والطحاوي.
ويكره لبسه لمن كان قدوة لغيره، لئلا يكون وسيلة لأن يلبس العوام ما يحرم، وهو المطيب.
لما رواه مالك عن نافع: أنه سمع أسلم - مولى عمر بن الخطاب - يحدث عبد الله بن عمر: أن عمربن الخطاب رأى على طلحة بن عبيد الله ثوبا مصبوغا وهو محرم، فقال عمر: ماهذا الثوب المصبوغ يا طلحة؟ فقال طلحة: يا أمير المؤمنين إنما هو مدر.
فقال عمر: إنكم - أيها الرهط - أئمة يقتدي بكم الناس، فلو أن رجلا جاهلا رأى هذا الثوب لقال: إن طلحة بن عبيد الله كان يلبس الثياب المصبغة في الاحرام، فلا تلبسوا - أيها الرهط - شيئا من هذه الثياب المصبغة.
وأما وضع الطيب في مطبوغ، أو مشروب، بحيث لم يبق له طعم ولا لون ولاريح، إذا تناوله المحرم فلا فدية عليه.
وإن بقيت رائحته، وجبت الفدية بأكله عند الشافعية.
وقالت الأحناف: لافدية عليه، لأنه لم يقصد به الترفه بالطيب.

.10- التعرض للصيد:

يجوز للمحرم أن يصيد صيد البحر، وأن يتعرض له، وأن يشير إليه، وأن يأكل منه.
وأنه يحرم عليه التعرض لصيد البر بالقتل أو الذبح، أو الاشارة إليه، وإن كان مرئيا، أو الدلالة عليه، إن كان غير مرئي، أو تنفيره.
وأنه يحرم عليه إفساد بيض الحيوان البري، كما يحرم عليه بيعه وشراؤه وحلب لبنه.
الدليل على هذا قول الله تعالى: «أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما».